إيمان مصطفى
يُعد الشعر والأدب من أقدم وأعمق وسائل التعبير التي عرفتها الإنسانية، لكنّه في سياق المقــاومة يتحول إلى أكثر من أداة جمالية، ليصبح سـلـاحًا ثقافيًا وفكريًا يدافع عن الهوية، ويخلّد التضحيات. والأدب المقــاوم لا يكتفي بسرد الواقع، بل يُعيد تشكيله، فمن خلاله نحفظ أسماء الشــ.ـهداء، ونُبقي اللغة حيّة نابضة بالحقيقة.
وفي هذا المقام، لا نجد أصدق من الكلمة، ومن الشعر، ومن الأدب المقــاوم، لنعبر من خلالها عن وفائنا لسيد شــ.ـهداء الأمة السـ.ـيـ..ـد حسن نصـ.ـرالله والسـ.ـيـ..ـد الشهــ.ـيد هاشم صفي الدين في الذكرى السنوية الأولى لشهادتهما، فالشهــ.ـيد لا يمــ.ــوت حين نذكره، بل يعود ليحيا في كلّ لحظة صدق نعيشها، وكلّ موقف حقّ نقفه، وكلّ قصيدة وفاء نكتبها.
إن إحياءنا لهذه الذكرى ليس فعلًا عابرًا، بل هو تجديد عهد، وتأكيد أن الشــ.ـهداء حاضرون فينا، في وعينا، في جملنا، في قصائدنا، في سطور تُكتب بدموع المحبّة والولاء. ولهذا يحيي حـ.ـزب الله ذكراهما من خلال منبر الأدب، ليكون الشعر شاهدًا، والكلمة ميثاقًا، والصوت صدى لا ينطفئ.
عن هذه الفعاليات، يتحدث عضو كتلة الوفاء للمقــاومة النائب إيهاب حمادة لموقع "الـ.ـعـ.ـهد"، قائلًا: "في هذه المناسبة الاستثنائية، الذكرى السنوية الأولى لاسـ.ـتشهـ..ـاد سيد شــ.ـهداء الأمة السـ.ـيـ..ـد حسن نصـ.ـرالله، والسـ.ـيـ..ـد الهاشمي السـ.ـيـ..ـد هاشم صفي الدين، لا بد من التأكيد أولًا على استمرار المشروع الذي استُشهدا من أجله، وثانيًا على محاولة كلّ فرد أن يؤدي حق هؤلاء القادة على هذه الأمة، من موقعه، على المستويات الوجدانية والعقلية والفكرية. من هنا، فإن إحياء الذكرى هو إحياء لنا بقدر ما هو إحياء للمناسبة، ولذا جاءت الأنشطة هذا العام استثنائية بكلّ معنى الكلمة".
ويشير في هذا السياق إلى أن فعاليات الذكرى ستضمن مهرجان "الأمناء" الذي يُقام بأربع نسخ: في بيروت عند مقام السـ.ـيـ..ـد حسن نصـ.ـرالله، وفي النبيّ شيت عند مقام السـ.ـيـ..ـد عباس الموسوي، وفي دير قانون النهر عند مقام السـ.ـيـ..ـد الهاشمي، وفي كيفون، حيث تُقام أمسية شعرية كبرى في المسرح، يشارك فيها نخبة من الشعراء العرب من عدّة بلدان. ويشدد على أن هذا المهرجان سيكون فعالية شعرية نُخبوية على مستوى الأمة، تُبرز البعد العربي للمناسبة.
من أبرز فعاليات الذكرى، بحسب حمادة، عرض فيلم توثيقي شعري يُجسّد سيرة حياة الشهــ.ـيد السـ.ـيـ..ـد الهاشمي، منذ الولادة وحتّى لحظة الشهادة. والنص الشعري يُقدَّم في سياق مشهدي موسيقي يُعبّر عن مرتكزات السيرة الذاتية بطريقة إبداعية وفنية مختلفة.
كما يشهد هذا العام إطلاق "مؤتمر جبل عامل الأول" تحت عنوان "العلماء الشعراء"، الذي يُسلّط الضوء على عدد من الشعراء العلماء في تاريخ جبل عامل، من خلال قراءات شعرية مختارة. وسيشهد المؤتمر أيضًا الكشف لأول مرة عن نصوص شعرية وجدانية كتبها السـ.ـيـ..ـد الهاشمي، وهي نصوص نثرية كتبت بدموعه، وتُعرض في سياق فني مشهدي مؤثر. كما يتضمن البرنامج سلسلة توقيعات شعرية وأدبية لبنانية وعربية مخصصة للسيد حسن نصـ.ـرالله، ضمن برنامج محدّد يتناول ما كُتب عن شخصيته وتجربته.
مهرجان الأمناء: وفاء لا ينتهي
بدوره، يسهب رئيس هيئة الانتساب إلى اتحاد الكتاب اللبنانيين الأديب والمنسق العام لهذه الفعاليات، سديف حمادة، بالحديث عن هذه الفعاليات، مؤكدًا أن المهرجانات الأدبية في الشعر والنقد، هي جزء من فعاليات كبيرة يحيي بها حـ.ـزب الله وجمهور المقــاومة الذكرى السنوية الأولى للسيدين الشهــ.ـيدين، مشيرًا إلى "مهرجان الأمناء"، والمقصود بالأمناء هم الشــ.ـهداء الأمناء العامون لحـ.ـزب الله: السـ.ـيـ..ـد عباس الموسوي، والسـ.ـيـ..ـد حسن نصـ.ـرالله، والسـ.ـيـ..ـد هاشم صفي الدين. لافتًا إلى أن "فعاليات هذا المهرجان تتنقّل بين بيروت، والجنوب، والنبيّ شيت، وكيفون، وتستضيف عددًا من الشعراء العرب البارزين من بلدان عدة، منها: الجزائر، مصر، المغرب، البحرين، اليمن، ولبنان، ممن عبّروا عن حـ.ـمـ..ـاستهم واستعدادهم للمشاركة في هذه المناسبة التي يجدون فيها واجبًا أدبيًا وثقافيًا للوقوف بالكلمة خلف المقــاومة وسـلـاحها".
يشدد حمادة على أن هؤلاء الشعراء هم نخبة من الأصوات المعروفة في الأوساط الأدبية، يشاركون بقصائدهم التي تحتضن روح المقــاومة وتنتصر لمشروعها، ليحملوا رسالة مفادها أن المقــاومة ليست فقط فعلًا عسـ.ـكريًا، بل ثقافة وهوية وموقف.
وبحسب حمادة، تُقام هذه الفعاليات بدعوة من الهيئات، والمنتديات، والجمعيات الثقافية اللبنانية، بالتعاون مع اتحاد الكتّاب اللبنانيين، الذي يُشارك بفعالية عالية، مؤكدًا التزامه بدعم المشهد الثقافي المقــاوم.
الرسالة الأساسية لهذا المهرجان هي أن المقــاومة مستمرة وباقية، وأن المدرسة التي أسسها سيد شــ.ـهداء الأمة السـ.ـيـ..ـد حسن نصـ.ـرالله ستستمر بمنهجه وجــهـا ده، حيث أصبح دمه الطاهر نورًا يُضيء طريق الأجيال القادمة نحو التحرير، حتّى يزول الـ.ـكــ..ـيان الــغــ..ــاصــب وتنكسر إرادة الشر العالمية.
مؤتمر جبل عامل: منارة فكرية تتجدد سنويًا
وعلى صعيد متصل، يُطلق "مؤتمر جبل عامل" دورته الأولى في 28 أيلول الجاري في بلدة دير قانون النهر، جامعًا عددًا كبيرًا من علماء الدين الحوزويين تحت عنوان: "العلماء الشعراء"، بحسب حمادة. إلا أن المؤتمر لا يقتصر على الجانب الأدبي فحسب، بل يتناول مختلف الإنتاجات الفكرية والحضارية لعلماء جبل عامل، سواء في العلوم الدينية، أو التكنولوجيا، أو التاريخ، أو الاجتماع، وسواها، وذلك لإبراز التنوع المعرفي الذي تتمتع به هذه المنطقة على مرّ العصور.
يُسلّط المؤتمر الضوء على الشعر العاملي، وفقًا لحمادة، خصوصًا في ما يتعلق بقضاياه التحررية، والتربوية، والقيمية، من خلال لغته المؤثرة التي تنفذ إلى القلب، وتلامس أرواح الناس بالشغف والحب.
ويُنظَّم المؤتمر بالتعاون بين مجموعة من الجمعيات الثقافية، واتحاد الكتّاب اللبنانيين، الذي يُعد من المؤسسات الأساسية في رعاية الإبداع الأدبي، سواء كان شعرًا، أو رواية، أو فكرًا، أو نقدًا، أو أي نوع من أنواع الإنتاج الثقافي.
وسيشكّل هذا المؤتمر محطة سنوية لإبراز الكنز المعرفي الذي تختزنه منطقة جبل عامل، خاصة في القرون الماضية، ومن المتوقع أن يكون له صدى واسع في أوساط الفكر والثقافة، لما يمثله من منصة لإحياء تراث علمي وأدبي متجدد.
الملتقى الثقافي اللبناني: منبر الأدب المقــاوم
ومن ضمن برنامج الإحياء، سيتم توقيع عدد من المجموعات الشعرية في الملتقى الثقافي اللبناني، بحسب الأديب سديف حمادة، الذي يوضح أن الملتقى الثقافي اللبناني هو مؤسسة ثقافية تُعنى بالأدب، ولا سيّما الأدب المقــاوم بجميع أنواعه: الشعري، القصصي، السيري، والروائي. يضمّ الملتقى عددًا كبيرًا من الأدباء اللبنانيين الذين ذاع صيت بعضهم في العالم العربي، ونالوا جوائز مرموقة مثل جائزة "أمير الشعراء". وقد أصبحوا حضورًا بارزًا في المنابر الأدبية العربية على امتداد الوطن العربي.
في لبنان، ينشط الملتقى بشكل خاص من خلال منبر الأربعاء الذي يُقام أسبوعيًا، ويستضيف فيه نخبة من الروائيين والقاصين والشعراء. يلي هذه الجلسات نقاشات نقدية مستفيضة تُسهم في تطوير المشهد الأدبي المحلي، وتفتح المجال أمام رؤى جديدة، بحسب حمادة.
ويتابع: "تتمحور رسالة الملتقى حول دعم الأدب الملتزم الذي يعبّر عن قضايا الأمة المتنوعة، سواء كانت تتعلّق بالمقــاومة العسـ.ـكرية الميدانية، أو المقــاومة الثقافية والاجتماعية والفكرية. ويؤدي الملتقى دورًا فاعلًا في المشهد الثقافي والأدبي، ليس فقط على مستوى لبنان، بل في العالم العربي أيضًا"، مردفًا: "سيشهد الملتقى مجموعة من حفلات توقيع الكتب والمجموعات الشعرية التي سيشارك فيها عدد من الأدباء والشعراء والمفكرين العرب، من أبرزهم الشاعر الفلسـ.ـطيني صلاح أبو لاوي، والشيخ محمود كريّم، والكاتبة أوديت هاني قروشان".
وتستمر هذه الأنشطة على مدى أسبوع كامل، وسط توقّعات بإقبال شعبي كبير في مختلف المناطق اللبنانية.